عادات الأردنيين في عيد الأضحى.. فرحة الأضحية تجمع العائلة على موائد الخير
رؤيا الأخباري -
  • تبدأ أجواء العيد منذ ساعات الفجر الأولى من يوم النحر

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، الذي تفصلنا عنه بضعة أيام ، تبدأ الأسر الأردنية بالتحضير للاحتفال بهذه المناسبة الدينية والاجتماعية الجليلة التي تتجلى فيها أبهى صور التراحم والتكافل.

فالعيد في الأردن ليس مجرد مناسبة دينية لأداء شعيرة الأضحية، بل هو فسيفساء من العادات والتقاليد المتوارثة التي تجمع الأهل والأحباب، وتعيد إحياء القيم الأصيلة للكرم والجود الأردني.


يقول السيد أبو خالد، سبعيني من العاصمة عمان، وابتسامة تزين وجهه: "العيد في الأردن له طعم خاص. هو لمة العائلة، وهو ريحة اللحمة اللي بتفوح من كل بيت، وهو فرحة الأطفال بالعيدية والثياب الجديدة".

صباح العيد: التكبيرات وصلة الرحم

تبدأ أجواء العيد منذ ساعات الفجر الأولى من يوم النحر. يحرص الأردنيون على الاستيقاظ مبكراً لأداء صلاة العيد في الساحات والمساجد الكبرى، حيث يملأ صوت التكبير أرجاء المدن والقرى، ليضفي على الأجواء روحانية خاصة.

بعد الصلاة، تبدأ سلسلة من الزيارات العائلية التي تُعد ركناً أساسياً في العيد الأردني. يتبادل الأهل والأقارب التهاني، ويزور الصغار الكبار لأخذ "العيدية" التي تبعث الفرحة في قلوبهم.

الأضحية: قلب العيد ورمزه

تعتبر الأضحية محور العيد في الأردن. يحرص الكثيرون على شراء أضاحيهم قبل العيد بأيام، وفي صباح يوم النحر، يقوم المضحيون بذبح أضاحيهم بأنفسهم إن أمكن، أو بالاستعانة بالجزارين المعتمدين.

وتُعرف العائلات الأردنية بكرمها في توزيع لحوم الأضحية، فثلث للفقراء والمساكين، وثلث للأقارب والجيران، وثلث للمضحي وأهل بيته. هذه العادة تعزز التكافل الاجتماعي وتضمن أن يفرح الجميع بلحم الأضحية.

يشير الأستاذ أحمد علي، باحث في التراث الأردني، إلى أن "الأضحية ليست مجرد ذبح، بل هي رمز للعطاء، وهي مناسبة لتجديد الروابط الأسرية والمجتمعية. الطقوس المحيطة بها، من الذبح وحتى التوزيع والطبخ، تحمل قيماً عميقة في المجتمع الأردني".

ولائم العيد: الكرم الأردني على المائدة

ما يميز عيد الأضحى في الأردن هو المائدة العامرة بولائم اللحم. يعتبر "المنسف" الطبق الرئيسي الذي لا غنى عنه في غالبية البيوت الأردنية في أول أيام العيد، خاصةً بعد لحم الأضحية الطازج.

ويُعد المنسف باللحم الجديد من الأضحية نكهة مميزة جداً. كما تُطهى أطباق أخرى من لحم الأضحية مثل المشاوي، القِدرة، والمقلوبة، وتُقدم مع الأرز والسلطات. تُعتبر هذه الولائم فرصة لتجمع العائلة الممتدة والأصدقاء، وتبادل الأحاديث والضحكات.

"الروحة والجيّة" والفسحات العائلية

لا تقتصر العادات الأردنية على الأيام الأولى من العيد، فخلال أيام التشريق (اليوم الثاني والثالث والرابع من العيد)، تستمر الزيارات العائلية والأصدقاء، وتُعرف هذه الأيام بـ "الروحة والجيّة".

كما يحرص الكثيرون على قضاء وقت ممتع في المنتزهات والحدائق العامة أو زيارة الأماكن السياحية داخل المملكة، لتكون فرصة للترفيه والاستجمام بعد أشهر من العمل والدراسة.

تحديات معاصرة وقيم راسخة

على الرغم من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، يظل الأردنيون متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم في عيد الأضحى. ففي ظل التحديات الاقتصادية، تبرز روح التعاون والمساعدة بين الجيران والأقارب لضمان أن يفرح الجميع بالعيد.

كما أن التكنولوجيا الحديثة سهلت التواصل بين الأسر المتباعدة، لكنها لم تلغِ أهمية اللقاءات والزيارات الشخصية التي تظل جوهر العيد.

مع اقتراب عيد الأضحى، يتطلع الأردنيون إلى هذه الأيام المباركة بفارغ الصبر، لاستعادة أجمل الذكريات، وتجديد الروابط الأسرية، ومشاركة الفرحة التي تنسج خيوطها من العادات الأصيلة والكرم الذي يُعد سمة مميزة للشعب الأردني.



إقرأ المزيد