سكاي نيوز عربية - 3/11/2025 11:07:39 AM - GMT (+2 )

مع الإعلان عن اتفاق بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي لدمج الأخيرة ضمن مؤسسات الدولة، تبرز تساؤلات حول مدى قدرة هذا الاتفاق على تحقيق الاستقرار في ظل التدخلات الإقليمية المتعددة.
الاستراتيجية الإيرانية وتأثيرها على الداخل السوري
أكد الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، أحمد رحال، خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن سوريا في عهد الأسد كانت بمثابة "عاصمة للكبتاجون" وتحولت إلى مصدر للإرهاب بالنسبة لدول الجوار. هذا الإرث السيء، كما وصفه، فرض على النظام السوري، وخاصة القيادة الجديدة، القيام بمجهودات مضاعفة للتغلب على التحديات الداخلية والخارجية.
تحدث رحال أيضا عن دور إيران وحزب الله في المساهمة في تصاعد الأزمات الداخلية في سوريا، خاصة فيما يتعلق بمجزرة الساحل السوري، وأكد على أن "التعامل مع المواطنين كان خارج إطار المسؤولية"، مستشهداً بحالة الفوضى التي رافقت هذه الأحداث.
وفي الوقت نفسه، شدد على أن تصريحات القيادة السورية، بما فيها تصريح الرئيس الشرع والمحافظ محمد عثمان، كانت تأكيداً على ضرورة التحقيق في هذه الجرائم.
التدخل الإسرائيلي.. من الجنوب إلى الجولان
أما عن الدور الإسرائيلي في سوريا، فقد تناول أحمد رحال قضية الهجمات الإسرائيلية على مواقع في الجنوب السوري، مشيراً إلى أن إسرائيل "فرضت وجودها" عبر ما وصفه بـ "منطقة العزل العسكرية" وبحثت عن تعزيز نفوذها في مناطق الدروز في السويداء وجبل العرب.
في هذا السياق، أكد على أن "أهلنا في جبل العرب رفضوا التدخلات الإسرائيلية" رغم بعض الأصوات المحدودة التي ظهرت في البداية.
الدور التركي.. موقف متحفظ رغم الانخراط المباشر
وفيما يتعلق بدور تركيا في الملف السوري، تحدث عضو البرلمان التركي السابق السيد رسول طوسون عن وقوف تركيا إلى جانب "الشعب السوري والإدارة الجديدة" بقيادة أحمد الشرع.
واعتبر أن تركيا دعمت المعارضة السورية منذ بداية الثورة واحتضنت اللاجئين، وركز على الموقف التركي الرافض للتدخلات الأجنبية، مشيراً إلى أن "إسرائيل تدفع باتجاه إشعال الفوضى في سوريا" عبر دعمها للأطراف الدرزية وقسد.
وقال: "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع قسد بشأن دمجها مع الدولة السورية، تركيا جاهزة للقيام بعمليات عسكرية لدعم الحكومة السورية".
طوسون أكد على أن تركيا ترى في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية "خطاً أحمر"، كما أشار إلى رغبة تركيا في أن تكون سوريا دولة موحدة بعيدا عن التقسيمات التي قد تفرضها بعض الأطراف الإقليمية.
وأكد أن تركيا "ترحب بأي حل سلمي" يتم التوصل إليه بين الحكومة السورية وقسد.
الأقلية العلوية والإستراتيجيات الإسرائيلية
من جهة أخرى، قدم الدبلوماسي السابق مئير كوهين تحليلا حول الوضع في سوريا، مع التركيز على الدور الإسرائيلي في الأزمة السورية.
وأشار إلى أن ما حدث مع الطائفة العلوية في سوريا يعد جزءاً من "أزمة الأقليات"، حيث اعتبرت إسرائيل أن هناك تهديداً للأقلية العلوية في البلاد، بما في ذلك مذابح محتملة ضدهم، وهو ما يعكس قلقاً إسرائيلياً من التصعيد الداخلي في سوريا.
وفي هذا السياق، أكد كوهين أن إسرائيل تتأهب لأي تطورات في سوريا، وخاصة في الجولان، حيث أن "إسرائيل ترى أن هناك خطرا متزايدا من وجود تنظيمات مثل حماس والجهاد الإسلامي في هذه المنطقة".
كما أشار إلى أن إسرائيل أعدت خططا لتقديم الدعم للطائفة الدرزية في سوريا إذا تعرضت لأي تهديد، وقال: "إسرائيل مستعدة للتدخل إذا كانت هناك أي تهديدات مباشرة على الطائفة الدرزية في سوريا".
اتفاق قسد وتحديات المستقبل
أحدث الاتفاق الأخير بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، حول دمج قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية، تحولا مهماً في المعادلة السورية.
رحب رحال بالاتفاق، مشيراً إلى أنه يعكس "نوايا داخلية بين المكونات السورية" لكنه في الوقت ذاته "كان نتيجة لضغوطات خارجية".
واعتبر أن هذا الاتفاق قد يساهم في "تسريع عملية التسوية"، ولكنه شدد على أن الأوضاع الداخلية في سوريا لا تزال معقدة للغاية، وأن "إيران وإسرائيل يجب أن تبتعدا عن التدخل في الشأن السوري".
طوسون من جهته اعتبر أن هذا الاتفاق "يغير المعادلة من جذورها"، لكنه أضاف أن "نجاحه يتوقف على تنفيذ كافة التفاصيل المتعلقة بنزع السلاح من قبل قسد".
كما أكد على أن تركيا "ترحب بأي حل سلمي"، لكن إذا فشل الاتفاق، فإن "تركيا جاهزة للتدخل العسكري".
البحث عن الحلول في ظل الأجندات المتضاربة
يتبين أن المشهد السوري معقد للغاية بسبب تعدد الأجندات الإقليمية والدولية التي تتداخل في الأزمة السورية.
بين التنافس التركي والإيراني، والتدخل الإسرائيلي، والأزمات الداخلية المستمرة، لا يزال مستقبل سوريا ملبداً بالشكوك.
ومع ذلك، يبقى الاتفاق الأخير بين الحكومة السورية وقسد خطوة هامة نحو إيجاد تسوية داخلية، إلا أن نجاح هذه المبادرة يتطلب تجاوز العديد من التحديات الميدانية والسياسية.
إقرأ المزيد