اتفاق غزة يفضح صراع جبهات الإخوان.. مصر بمرمى المزايدات
سكاي نيوز عربية -

ففي بيان لجبهة صلاح عبد الحق، قالت الجماعة إن "الاتفاق يعد إنجازًا سياسيًّا كبيرا يحسب للمفاوض الفلسطيني، وثمرة جهاد لمقاومته"، مثمنة ما وصفته بـ"الجهود الصادقة التي بذلتها كل من: مصر، وقطر، وتركيا، والولايات المتحدة، للوصول إلى هذا الاتفاق من أجل إحلال السلام، وتدارك الأزمة الإنسانية غير المسبوقة، وتبادل الأسرى، وإنهاء عامين من الحرب الضروس".

وفي المقابل، ذكرت جبهة "تيار التغيير" أن إسرائيل "فشلت في تحقيق أهدافها بالقوة العسكرية، كما فشلت في تحقيقها عبر المفاوضات، واضطرت إلى القبول بالتفاوض تحت ضغط المقاومة"، وفق تعبيرها.

غير أن الجبهة استغلت البيان لتوجيه انتقادات حادة إلى مصر، متهمة إياها بـ"إغلاق معبر رفح" و"التربح من جرحى غزة"، وهي المزاعم التي نفتها القاهرة مرارًا وتكرارًا.

يأتي ذلك رغم أن جبهات الإخوان المتنازعة كانت قد أصدرت في وقت سابق بيانات متقاربة المضمون، دعت فيها إلى رفض "خطة ترامب"، إذ وصفتها جبهة محمود حسين بأنها "خطة تُكرس لاستمرار الاحتلال"، بينما اعتبرتها جبهة تيار التغيير "خطة استسلام لا تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني".

ويعتقد محللون ومراقبون، في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا التباين في مواقف جبهات الجماعة كشف مجددًا عن عمق الانقسام التنظيمي والفكري الذي تعيشه منذ الإطاحة بحكمها في مصر، وتحول مواقفها من الملفات الإقليمية إلى ساحة لـ"تصفية الحسابات"، حيث تسعى كل جبهة إلى استغلال الحرب في غزة، لتوجيه أنصارها وإحكام السيطرة على ما تبقى من قواعد الجماعة.

"مزايدات تنظيمية"

واعتبر الباحث في الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، أحمد سلطان، بيانات جبهات الإخوان "المتناقضة" بشأن خطة ترامب، وهجوم إحدى الجبهات على مصر بأنها "نوع من المزايدات التنظيمية".

وأوضح سلطان في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "جبهة المكتب العام، التي تطلق على نفسها حاليًا اسم تيار التغيير، تشهد حالة من التشظي والانقسام الداخلي إلى حد كبير، وخرج منها كوادرها، فأصبحت مجموعة نخبوية لا تمتلك رموزًا معروفة".

وأضاف أن هذه الجبهة "تستثمر في حالة شديدة التطرف، وتدعو أنصارها إلى تنفيذ عمليات مسلحة ضد مصر، متبنية نموذجًا أكثر راديكالية، وتقدّم نفسها باعتبارها الأمينة على تراث الإخوان، لكنها تفسر هذا التراث باعتباره لا يقتضي إلا العنف والعمل المسلح ضد الدولة المصرية".

وأشار سلطان إلى أن الجبهة "متأثرة إلى حد ما ببعض الأطراف في المحور الإيراني المسمى بمحور المقاومة"، مؤكدًا أن "القاهرة لم تتخل عن غزة خلال الحرب، وظلت تدفع في اتجاه الحل رغم الصعوبات حتى الوصول إلى هذا الاتفاق"، في حين أن "المحور نفسه انزوى، وحتى في ظل الحرب الإيرانية الإسرائيلية لم يكن هناك أي حديث عن غزة أو عن وقف الحرب فيها، وتحولت إلى قضية ثانوية".

وفي المقابل، قال سلطان إن جبهة صلاح عبد الحق "أكثر براغماتية، وتسعى إلى فتح أي مسار يمكن أن يقود إلى حل سياسي مع مصر، وأي طريق يسمح لها بالعودة إلى المشهد، حتى ولو عبر العمل المجتمعي دون العمل السياسي في المرحلة الأولى، ثم التدرج لاحقًا إلى السياسة"، موضحًا أنها "جبهة مراوغة، لا مانع لديها من توجيه الشكر لمصر كلما سنحت الفرصة، في محاولة لاستعطاف الدولة وإظهار أنها عدلت من نهجها".

لكن الباحث في الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب أشار إلى أن "البيانات الرسمية لتلك الجبهة تتناقض مع سلوكياتها الإعلامية، إذ تواصل التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التابعة للتنظيم".

وأكد أن "المواقف المتضاربة من مصر تعود بالأساس إلى الخلاف التنظيمي ومحاولات كسب ما تبقى من الصف الإخواني، فضلًا عن حالة الإفلاس التي تعيشها الجماعة في الوقت الراهن، بعدما فقدت تصورها الاستراتيجي وقواعدها الشعبية وتواجه أزمات متفاقمة في بنيتها الداخلية".



إقرأ المزيد